...

الأخلاق

هنالك الكثير من الجدل الذي يدور حول موضوع الأخلاق، وما هو المطلق والنسبي فيها، وهل مصدر الأخلاق هو الدين أم العقل؟ وهل الذي يحدّد أخلاق الشخص هو الخير والشر؟ هناك آراء مختلفة في ما يخص الأخلاق لدى الإنسان، ويوجد الكثير من التوجهات المختلفة في تفسير أخلاق الإنسان، فقد قال أفلاطون إنّ الخير فوق الوجود شرفًا وقوّة، بينما قال الأشعري إنّ الخير والشر بقضاءٍ من الله وقدره، فلكل إنسان مجموعةٌ من ردود الأفعال حين تعرّضه للمواقف المختلفة في حياته، وبناءً على ردود أفعاله يحكم الآخرون على مستوى الأخلاق لديه، وينظر إليها الفلاسفة من زاوية أخرى فتارة ترتبط ردود الأفعال بقيمة الحسن والقبيح وذلك ينتج عن فلسفة الجمال لديهم، وتارةً أخرى ترتبط بقيمة الخير والشرّ نتيجة لفلسفة الأخلاق، ويرجح البعض أن الأخلاق ذات سلطة مقدّسةٍ مصدرها إرادة الله، والبعض يقول إن مصدرها العقل؛ فهو القادر على التمييز بين ردات الفعل على الفعل الأمثل. إن أساس الدين هو الأخلاق، وإن كل من الخير والشرّ هو بإرادة الله، فكل ما قال عنه الشرع إنّه حسن هو الخير، وكل ما نهى عنه الشرع هو الشر، وقد نُقل عن ابن حزم الأندلسي أنه قال: "ليس في العالم شيء حسن لعينه، ولا شيء قبيح لعينه، لكن ما سماه الله تعالى حسن فهو حسن وفاعله محسن"، ومن الأمثلة التي توضّح قوله هذا أن فعل القتل هو خير في حال كان دفاعًا عن النفس، أمّا في حالة كونه لتحقيق مصلحةٍ شخصيّةٍ فإنّه فعل قبيح؛ لذلك فإنّ المولى قد أمرنا بفعل كل حسن وتجنب كل قبيح، وحتّى حين إطاعة أمر الله فإنّه لا يجب أن يعطل العقل؛ فهو يساهم في بناء الأخلاق أيضًا. الوجهة الثانية: هي التي تؤيّد أنّ قيم وأخلاق الإنسان التي يتبعها ويطبّقها مصدرها العقل، فهي قيم ثابتةٌ مطلقةٌ لا يغيرها تغير الزمان أو المكان، ويعتبر أفلاطون أشهر المدافعين عن هذه النظرية؛ فقد قسم أفلاطون الوجود لقسمين: العالم المحسوس وعالم المثل، وقال إنّ الأخلاق تكون في عالم المثل وللعقل القدرة على أن يستعيدها، وإنّ العقل هو الوحيد القادر على التخلص من سجنه داخل الجسد، فمن المهم أن يتصرّف الإنسان بشكل يجعله مشروعًا أخلاقيًّا، كما يجب احترام القوانين والإنسانية بحيث يعامل الآخرون كونهم غايةً وليس وسيلة، ولكن هذا التوجه لا يمكن أن يكون صحيحًا بالكامل؛ فالعقل ليس معصومًا من فعل الأخطاء، ويحتاج لتوجيه وإرشاد، وخير مرشد له هو الدين. لا شك بأن الأخلاق هي سمة المجتمعات الراقية المتحضرة؛ فأينما وجدت الأخلاق فثمة الحضارة والرقي والتقدم، ولما أرسل الله تعالى نبيه محمدًا -عليه الصلاة والسلام- جعل من مهمات دعوته وصميم رسالته أن يتم الأخلاق ويكملها، فالأخلاق موجودة راسخة برسوخ الأمم ونشوئها قبل النبوة والبعثة، غير أنها كانت ناقصة مسلوبة الروح والمضمون، فجاءت الشريعة الإسلامية لتكملها وتلبسها لباسا يجملها ويجعلها في أحسن صورة. والأخلاق الحسنة هي حالة إنسانية سلوكية يسعى كثير من الناس الباحثين عن الكمال للوصول إليها وإدراكها، والأخلاق ترفع درجة الإنسان في الحياة الدنيا وفي الآخرة؛ فالناس يحبون صاحب الأخلاق الحسنة الحميدة، ويتقربون إليه، ويتمنون صحبته وصداقته، وهي كذلك ترفع درجة المؤمن عند ربه -جل وعلا- بل وتجعله من أقرب الناس مجلسا إلى رسول الله يوم القيامة، وقد ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: "إن أحبكم إلي وأقربكم مني في الآخرة أحاسنكم أخلاقا، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني في الآخرة أسوؤكم أخلاقا، الثرثارون المتفيهقون المتشدقون". مفهوم الأخلاق هو المبادئ والقواعد المنظمة للسلوك الإنساني، وقد دعا الإسلام إلى الالتزام بالأخلاق الحميدة والتمثل بها، وحث على حفظها وصيانتها، وقد نفت الشريعة الإسلامية صفة الكمال العقائدي والديني عمن يخالف تلك الأخلاق ويناقضها ولا يلتزم بها، ومن أبرز تلك الأخلاق هي: الأمانة، والصدق، والحلم، والعفة، والحياء.

 -------------------------------------------------------------------

عدد الكلمات: 555

عدد الأسطر: 31

المصدر: موقع أكاديمية الطباعة، الرابط

المحدد بالأزرق = 150 كلمة

المحدد بالأحمر = 225 كلمة