...

رهاب الأماكن الضيقة

يعتبر الرهاب واحدا من الأمراض النفسية، وهو عبارة عن خوف شديد ومتواصل من مواقف معينة أو أجسام معينة أو حتى مجرد التفكير فيهاوغالبا ما يكون المصاب بالرهاب مدرك تماما بأن خوفه غير منطقي ومع ذلك فهو لا يستطيع التخلص منه بسهولة ما لم يخضع لعلاج نفسي عند طبيب مختص. وكثيرا ما تنشأ نتيجة تعرض الشخص لتجربة سيئة فتؤثر سلبيا على نفسية هذا الشخص ومواقفه من ذلك الأمر فيصبح حريصا على تجنب التعرض لهذه التجربة مرة أخرىوللرهاب أنواع كثيرة تختلف من شخص إلى أخر منها رهاب الأماكن المرتفعة ورهاب العناكب ورهاب من المجتمع والمواقف الاجتماعية مثل الخجل الشديد ورهاب الإصابة بمرض معين ورهاب الخروج من المنزل ورهاب الأماكن المغلقة، هذا النوع الأخير هو ما سنتطرق إلى أسبابه ومضاعفاته وكيفية علاجه في موضوعنا هذارهاب الأماكن المغلقة هو أحد أنواع الرهاب المحدد (البسيط)، يرتبط هذا النوع من الرهاب باضطرابات القلق التي تصيب المريض لمجرد تواجده أو حتى تخيله التواجد في أماكن ضيقة أو مغلقة، حيث يتعرض المريض إلى حالة هلع شديدة ونوبة قلق حادة إذا ما وجد نفسه متواجدا في أماكن مغلقة أو ضيقةولأن المثل يقول: "لا يوجد دخان من دون نار" فإن رهاب الأماكن المغلقة كذلك لم يكن ليكون لولا أنه لم تكن هناك أسباب لظهوره، مع العلم أن الأسباب في مجملها مجهولة إلا أنه كما ذكرنا سابقا في التعريف فإن أهم أسباب الإصابة بهذا النوع من الرهاب هو التعرض لذكرى سيئة مع أماكن مغلقة في الطفولة، كأن يعاقب الطفل بحبسه في مكان مغلق وضيق ومظلم، ما يشكل له ضغطا نفسيا رهيبا، ومن هنا تبدأ أعراض الرهاب في التكون لدى الطفل فيسترجعها لاحقا كلما تعرض لموقف مشابه أو حتى التفكير في ذلك الموقف وهو ما ينتج عنه أعراض الهلعمن الأسباب الأخرى التي تسبب الرهاب من الأماكن الضيقة هو تخيلات المريض التي يصنعها بنفسه، فالمريض يتوهم بأنه من الممكن أن يحتجز في ذلك المكان الضيق أو المغلق وهو ما قد يؤدي به إلى الاختناق، كما يخيل له أنه من الممكن أن يقع حادث عارض فيحتجز في ذلك المكان أو يدفن فيه في حالة كان المكان قبوا أو كهفا أو نفقا، وهو ما يعني أن المصابين بهذا الرهاب لا يخشون هذه الأماكن بحد ذاتها، إنما يخشون من ما قد يحدث لهم إذا ما احتجزوا فيهاومنه نستنتج أن الخوف من التقييد والاختناق  سببين أساسين في الإصابة بالرهاب في الأماكن المغلقة والضيقةأما عن المضاعفات التي قد يتعرض لها المصاب نتيجة هذا الرهاب فهي خطيرة جدا، قد تعيق حياته أو تعرضها للخطر أحيانا، فلو فرضنا أن المصاب قرر الذهاب للتخييم مع رفاقه وأثناء تجولهم في الغابة تعرضوا لهجوم حيوان مفترس فبدأ بمطاردتهم، وبينما هم يركضون فارين من هذا الحيوان المفترس وجدوا أمامهم جبلا ضخما لا يمكن تجاوزه إلا من خلال مغارة ضيقة تكفي لمرور شخص واحد حبوا على بطنه للمرور إلى الجهة المقابلة وبالتالي النجاة بحياتهمسيجد المصاب برهاب الأماكن الضيقة هنا نفسه بين مطرقة الحيوان المفترس وسندان المغارة الضيقة التي ترهبه، ومن الممكن أن يرفض المرور عبرها ويستسلم لمصيره المحتوم في مواجهة ذلك الحيوان المفترسكما أن هذا النوع من الرهاب من شأنه أن يدمر نفسية المريض ويصيبه بالكآبة وفقدان الثقة بالنفس والإحساس بالفشل والضعف نتيجة تجنبه في كل مرة تلك الأماكن المرعبة بالنسبة له وعدم مواجهتها بشجاعةولأن لكل داء دواء فلابد أن يكون لمرضنا هذا علاج للتخلص منه ومساعدة المصابين به على عيش حياة طبيعية، وكما ذكرنا سابقا فإن هذا النوع من الأمراض يحتاج إلى متابعة من طرف مختصين نفسيين ليقوموا بمعالجة المريض من خلال برنامج وطرق مدروسة ومرتبة نذكر منها على سبيل المثال العلاج بالتنويم المغناطيسي وذلك بجعل المريض يسترجع ذكرياته المتعلقة بهذه المشكلة ومن ثم يحاول حلها وقد تم علاج الكثير من الحالات بهذه الطريقة وهناك أيضا العلاج الدوائي وهذا النوع من العلاج يستهدف المصابين بالرهاب جينيا أو وراثيا وغيرها من العلاجات التي تختلف حسب المريض. 


==============================

عدد الكلمات: 601

عدد الأسطر: 37

المصدر: أكاديمة الطباعة، الرابط

المحدد بالأزرق = 150 كلمة

المحدد بالأحمر = 225 كلمة